مطعم ابو سعيد

قديم قدم شجر الدلب والصفصفاف والحور المعانق لضفة نهر بردى ....اصيل اصالة النبع المتدفق قبالته .....انه مطعم ابو سعيد الذي يطول الحديث عنه مهما حاولنا الاختصار ...واليك وصفا للمطعم كما ما تخيلته من خلال الاحاديث الكثيرة التي اسمعها فعندما تصل الى ساحة النبع تهبط عدة درجات لينقلك جسر فوق نهر بردى كان في الماضي من الخشب وكان يحتاج الى صيانة بعد كل فيضان لنهر بردى اما اليوم فهو من الاسمنت واذا وقفت فوق هذا الجسر رأيت منظرا جميلا لنهر بردى وهو يلتوي يشق طريقه الى ملاقاة نبع الفيجة تهبط من الجسر عدة درجات اخرى لتجد نفسك ف ي باحة واسعة تطل من الغرب على نهر بردى ويجاوره من الشرق مطعم عائد لشقيقة جدي ابو سعيد ومن الجمال اجمل منظر ابدعه الخالق على الاطلاق يتدفق نبع الفيجة العذب الرقراق وبرغم عذوبته ونقاءه تجد في تدفقه الثورة والغضب منطلقا ليلاقي نهر بردى وكأنه يتحدى اي النبعين اعذب وهذا الملتقى للنبعين تستطيع ان تشاهده من خلال المطعم من مكان منخفض يحاذي النهر ومن مكان مرتفع يسمى بلغة المطعم " التخت " وقد كان في ما مضى مصنوعا من الخشب ثم استبدله جدي ابو سعيد بالاسمنت ولكنك وانت تجلس على هذا التخت تنسى الاسمنت والخشب ولا تتذكر الا قدرة الله جل جلاله والجنة التي وعد الله بها المؤمنين من عباده .
وقد بدأ هذا المطعم كمنتزه للأسر الشامية التي كانت تقصد عين الفيجة حاملة معها طعامها وهي تحتاج لمكان جميل انيس لقضاء الوقت الجميل .
اما الباحة الواسعة التي ذكرتها فقد كانت ارض رملية تنتصب في ارجائها اشجار الحور والدلب والصفصاف التي كانت تصنع للمنتزه حاجزا في وجه الشمس وكانت البقع التي لا يطالها فيء الشجر يصنع لها حاجزا من اغصان الشجر المسماة "الشفاية " وكانت الطاولات من الخشب والكراسي من الخشب تخضع للصيانة عندما يمر شخص ينادي " مقشش كراسي " .
وكان لدى جدي ابو سعيد في بداية الموسم ورشة صيانة للمنتزه فالى ما خربته عوامل الطبيعة والى ماخربته يد الانسان للعودة والعمل من جديد وكان جدي ابو سعيد في البداية يدير المنتزه بنفسه ويساعده احبابه واصحابه من اهالي القرية وهم كثر منهم على سبيل الذكر لا الحصر " محمد حمزة ابو موفق وعلي حمزة ابو عدنان وعلي نجيم ابو فؤاد وابو بهجت العمري ومحمد علي مزاحم ابو علي رحمهم الله جميعا كانوا يترددون لمساعدته وخاصة في يوم الجمعة وايام العطل , وهذا المنتزه كان وما يزال بيتا لمعظم اهالي القرية فالجميع يرتاد المطعم وهو انه في منزله ومنهم من يصنع طلبه بنفسه من شاي او قهوة او اركيلة في باحته تجد هنا اثنان يلعبان طاولة الزهر وهنا كما يسمونها اهل القرية " بوطة شدة " فمن الطرنيب الى التريكس .
وبحكم كون جدي ابو سعيد مختار القرية فقد كانت تتم في هذا المنتزه قضايا صلح وتسوية امور ضمن البلدة وخارجها وكان الجميع دائما راضي عنه " من فضل الله عليه " .
ونعود لأمور المطعم ففي البداية لم يكن يقدم للزبائن طعام لأن طعامهم كان معهم الا انهم يطلبوا منه امور صغيرة " كالزيت , الملح , الغاز ......" وكان يقدم المشاريب من قهوة وشاي ثم اصبح يقدم الطعام وكان ذلك في الستينات وكان الطعام عبارة عن مشاوي " كباب وشقف وحمص ومتبل وسلطة ........ " وكانت الامور بدائية بسيطة فقد كان الحمص والمتبل يدق في الطاسة النحاس على يد ابو راتب النشواتي وكان ذلك بجهود جدي وعائلته وقد تطورت امور المطعم اليوم فقد تغير البناء وذهب كثيرا من الامور الطبيعية وقد جدد مرة اخرى في الصيف الماضي واصبحت ادارته لأولاد جدي ابو سعيد واصبح يقدم كافة المأكولات وقد لاتصدق ان هذا المطعم يقصد من اخر بقاع الدنيا امريكا , الارجنتين , انكلترا , فرنسا , روسيا , ايران , ومن كثرة اعجاب السفير الايراني بالمطعم وطعامه فقد دعى جدي ابو سعيد الى سياحة اسبوع في ايران وكان ذلك في سنة 2002 .



" عبد الله ناصر الدين "